مصاحف الكتاب الاسلامي وترجمة سورة الانبياء

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

الأربعاء، 6 يناير 2021

سورة ص ونبي الله ايوب

سورة ص:

  1. فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

  2.   فصل في فضل السورة الكريمة:

  3.     فصل في مقصود السورة الكريمة: 
  4.     الفهرس الفرعى

  5.     فصل في متشابهات السورة الكريمة: 
  6.     الفهرس الفرعى

  7.     فصل في التعريف بالسورة الكريمة: 
  8.     الفهرس الفرعى

  9.     فصل في معاني السورة كاملة: 
  10.     الفهرس الفرعى

  11.     فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:     الفهرس الفرعى

  12.     فصل في ذكر قراءات السورة كاملة: 
  13.     الفهرس الفرعى

  14.     فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة: 
  15.     الفهرس الفرعى

  16.     فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:     الفهرس الفرعى

  17.    فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

  18.     فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:     الفهرس الفرعى

  19.     من مجازات القرآن في السورة الكريمة: 
  20.      الفهرس الفرعى

  21.    فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

  22. في رياض آيات السورة الكريمة:

  23.    فصل في أسرار ترتيب السورة:

  24.     تفسير الآيات (1- 8):  
  25.     الفهرس الفرعى

  26.     تفسير الآيات (9- 16):  
  27.     الفهرس الفرعى

  28.     تفسير الآيات (17- 20): 
  29.      الفهرس الفرعى

  30.     تفسير الآيات (21- 25):  
  31.     الفهرس الفرعى

  32.     تفسير الآيات (26- 29): 
  33.     الفهرس الفرعى

  34.     تفسير الآيات (30- 40): 
  35.     الفهرس الفرعى

  36.     تفسير الآيات (41- 44): 
  37.     الفهرس الفرعى

  38.     تفسير الآيات (45- 48):  
  39.     الفهرس الفرعى

  40.     تفسير الآيات (49- 54): 
  41.     الفهرس الفرعى

  42.     تفسير الآيات (55- 64):  
  43.     الفهرس الفرعى

  44.     تفسير الآيات (65- 70): 
  45.     الفهرس الفرعى

  46.     تفسير الآيات (71- 83): 
  47.     الفهرس الفرعى

  48.     تفسير الآيات (84- 88):  
  49.     الفهرس الفرعى

هل نذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة ؟

منقول للإفادة  

هل نذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة ؟ 
السؤال
عند سماعي لقصة نبي الله أيوب عليه السلام سمعت أنه كان قد نذر نذرا لله إذا شافاه أن يضرب زوجته مائة ضربة ، فهل هذا صحيح ، ولماذا نذر مثل هذا النذر ؟
الجواب
الحمد لله.
يذكر المفسرون قصة حلف أيوب عليه السلام أن يجلد زوجته مائة جلدة في تفسير قول الله عز وجل : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) سورة ص/44 .
غير أنه لم يرد في بيان سبب حلف أيوب عليه السلام هذا اليمين حديث مرفوع صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
"
وهذا له قصة أخرى أشارت إليها الآية إجمالا ، ولم يرد في تعيينها أثر صحيح " انتهى.
"
التحرير والتنوير " (23/167)
وإنما ورد ذلك في تفسير بعض التابعين ، واختلفوا في ذكر السبب ، غير أن أكثرهم قالوا : إن زوجة أيوب طلبت منه عليه السلام أن يتكلم بكلمة كان إبليس عليه لعنة الله قد طلب من أيوب عليه السلام أن يتكلم بها ، وهي كلمة غير شرعية ، إما فيها تسخط على أقدار الله عز وجل ، أو نسبة الشفاء لغير الله ، فأبى أيوب عليه السلام ، وحلف إن شفاه الله أن يعاقب زوجته التي استجابت لما وسوس به إبليس اللعين .
قال قتادة رحمه الله :
"
كانت امرأته قد عَرَضت له بأمر ، وأرادها إبليس على شيء ، فقال : لو تكلمت بكذا وكذا ، وإنما حملها عليها الجزع . فحلف نبي الله : لِئن الله شفاه ليجلِدنَّها مئة جلدة .
قال : فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون قضيبا ، والأصل تكملة المِئَة ، فضربها ضربة واحدة ، فأبرّ نبيُّ الله ، وخَفَّفَ الله عن أمَتِهِ ، والله رحيم " انتهى.
"
جامع البيان " للإمام الطبري (21/213)
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"
قوله تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ ) وذلك أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته ، ووجد عليها في أمر فعلته .
قيل: إنها باعت ضفيرتها بخبز ، فأطعمته إياه ، فلامها على ذلك ، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة .
وقيل : لغير ذلك من الأسباب .
فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب ، فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثًاوهو : الشِّمراخ - ، فيه مائة قضيب ، فيضربها به ضربة واحدة ، وقد بَرّت يمينه ، وخرج من حنثه ، ووفى بنذره ، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه ، ولهذا قال تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) أثنى الله تعالى عليه ومدحه بأنه ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) أي : رَجَّاع منيب ، ولهذا قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3.
وقد استدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الأيمان وغيرها ، وأخذوها بمقتضاها ، ومنعت طائفة أخرى من الفقهاء من ذلك ، وقالوا : لم يثبت أن الكفارة كانت مشروعة في شرع أيوب عليه السلام ، فلذلك رخص له في ذلك ، وقد أغنى الله هذه الأمة بالكفارة " انتهى.
"
تفسير القرآن العظيم " (8/76)، ويمكن الاطلاع على الأقوال الأخرى في حقيقة سبب حلف اليمين في " معالم التنزيل " للبغوي (5/345)
والله أعلم

=============

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)/سورة الأنبياء





وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)

تعالى (1) حتى تضعه (2) . الريح حيث شاء أن تضعه (3)
وقوله: { وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ } أي: في الماء يستخرجون اللآلئ [وغير ذلك. { وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ } أي: غير ذلك، كما قال تعالى: { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * ] (4) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ } . [ص: 37، 38] .
وقوله: { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } (5) أي: يحرسه الله أن يناله أحد من الشياطين بسوء، بل كل في قبضته وتحت قهره لا يتجاسر أحد منهم على الدنو إليه والقرب منه، بل هو مُحَكَّم (6) فيهم، إن شاء أطلق، وإن شاء حبس منهم من يشاء؛ ولهذا قال: { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ }
{
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) } .
يذكر تعالى عن أيوب، عليه السلام، ما كان أصابه من البلاء، في ماله وولده وجسده (7) ، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثيرة، ومنازل مرضية. فابتلي في ذلك كله، وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده -يقال: بالجذام في سائر بدنه، ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر بهما الله عز وجل، حتى عافه الجليس، وأفردَ في ناحية من البلد، ولم يبق من الناس أحد (8) يحنو عليه سوى زوجته، كانت تقوم بأمره (9) ، ويقال: إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من أجله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل" (10) وفي الحديث الآخر: "يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه" (11) .
وقد كان نبي الله أيوب، عليه السلام، غاية في الصبر، وبه يضرب المثل في ذلك.
وقال يزيد بن ميسرة: لما ابتلى الله أيوب، عليه السلام، بذهاب الأهل والمال والولد، ولم له يبق شيء، أحسن الذكر، ثم قال: أحمدك رب الأرباب، الذي أحسنت إلي، أعطيتني المال والولد، فلم يبق من قلبي شعبة، إلا قد دخله ذلك، فأخذت ذلك كله مني، وفرَّغت قلبي، ليس يحول بيني وبينك شيء، لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت، حسدني. قال: فلقي إبليس من ذلك منكرًا.
قال: وقال أيوب، عليه السلام: يا رب، إنك أعطيتني المال والولد، فلم يقم على بابي أحد يشكوني لظلم ظلمته، وأنت تعلم ذلك. وأنه كان يوطأ لي الفراش فأتركها وأقول لنفسي:
__________
(1)
في ف، أ: "عز وجل".
(2)
في ف: "يضعه".
(3)
في ف، أ: "حيث يشاء أن يضعه".
(4)
زيادة من ف، أ.
(5)
في ف: "له".
(6)
في ف، أ: "يحكم".
(7)
في ف: "وجسده وولده".
(8)
في ف: "أحد من الناس".
(9)
في ف: "بأوده".
(10)
رواه أحمد في المسند (1/172) والترمذي في السنن برقم (2398) وابن ماجه في السنن برقم (4023) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
(11)
هو جزء من الحديث المتقدم، والله أعلم.

(5/359)


يا نفس، إنك لم تخلقي لوطء الفرش (1) ، ما تركت ذلك إلا ابتغاء وجهك. رواه ابن أبي حاتم.
وقد ذكر عن وهب بن منبه في خبره قصة طويلة، ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه، وذكرها غير واحد من متأخري المفسرين، وفيها غرابة تركناها لحال الطول (2) .
وقد روى أنه مكث في البلاء مدة طويلة، ثم اختلفوا في السبب المهيج له على هذا الدعاء، فقال الحسن وقتادة، ابتلي أيوب، عليه السلام، سبع سنين وأشهرًا، ملقى على كُنَاسَة بني إسرائيل، تختلف الدواب في جسده ففرج الله عنه، وعَظَمَّ له الأجر، وأحسن عليه الثناء.
وقال وهب بن منبه: مكث في البلاء ثلاث سنين، لا يزيد ولا ينقص.
وقال السدي: تساقط لحم أيوب حتى لم يبق إلا العصب والعظام، فكانت امرأته تقوم عليه وتأتيه بالزاد يكون فيه، فقالت له امرأته لما طال وجعه: يا أيوب، لو دعوت ربك (3) يفرج عنك؟ فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحًا، فهل (4) قليل لله أن أصبر له سبعين سنة؟ فجَزَعت من ذلك فخرجت، فكانت تعمل للناس بأجر وتأتيه بما تصيب فتطعمه، وإن إبليس انطلق إلى رجلين من فلسطين كانا صديقين له وأخوين، فأتاهما فقال: أخوكما أيوب أصابه من البلاء كذا وكذا، فأتياه وزوراه واحملا معكما من خمر أرضكما، فإنه إن شرب منه بَرَأ. فأتياه، فلما نظرا إليه بكيا، فقال: من أنتما؟ فقالا (5) : نحن فلان وفلان! فرحَّب بهما وقال: مرحبًا بمن لا يجفوني عند البلاء، فقالا يا أيوب، لعلك كنت تُسر شيئًا وتظهر غيره، فلذلك ابتلاك الله؟ فرفع رأسه إلى السماء ثم قال: هو يعلم، ما أسررت شيئًا أظهرت غيره. ولكن ربي ابتلاني لينظر أأصبر أم أجزع، فقالا له: يا أيوب، اشرب من خمرنا فإنك إن شربت منه بَرَأت. قال: فغضب وقال جاءكما الخبيث فأمركما بهذا؟ كلامكما وطعامكما وشرابكما عليّ حرام. فقاما من عنده، وخرجت امرأته تعمل للناس فخبزت لأهل بيت لهم صبي، فجعلت لهم قرصًا (6) ، وكان ابنهم نائمًا، فكرهوا أن يوقظوه، فوهبوه لها.
فأتت به إلى أيوب، فأنكره وقال: ما كنت تأتيني بهذا، فما بالك اليوم؟ فأخبرته الخبر. قال: فلعل الصبي قد استيقظ، فطلب القرص فلم يجده فهو يبكي على أهله. [فانطلقي به إليه. فأقبلت حتى بلغت درجة القوم، فنطحتها شاة لهم، فقالت: تعس أيوب الخطاء! فلما صعدت وجدت الصبي قد استيقظ وهو يطلب القرص، ويبكي على أهله] (7) ، لا يقبل منهم شيئًا غيره، فقالت: رحم الله أيوب فدفعت القرص إليه ورجعت. ثم إن إبليس أتاها في صورة طبيب، فقال لها: إن زوجك قد طال سُقمه، فإن أراد أن يبرأ فليأخذ ذبابًا فليذبحه باسم صنم بني فلان فإنه يبرأ ويتوب بعد ذلك. فقالت ذلك لأيوب، فقال: قد أتاك الخبيث. لله عليّ إن برأت أن أجلدك مائة جلدة. فخرجت تسعى عليه، فحظر عنها الرزق، فجعلت لا تأتي أهل بيت فيريدونها، فلما اشتد عليها ذلك وخافت على أيوب
__________
(1)
في ف: "الفراش".
(2)
تفسير الطبري (1/42).
(3)
في ف، أ: "الله".
(4)
في أ: "فهو".
(5)
في ف، أ: "قالا".
(6)
في ف، أ: "قرصة".
(7)
زيادة من ف، أ.

(5/360)


الجوع حلقت من شعرها قرنًا فباعته من صبية من بنات الأشراف، فأعطوها طعامًا طيبًا كثيرًا فأتت به أيوب، فلما رآه أنكره وقال: من أين لك هذا؟ قالت: عملت لأناس فأطعموني. فأكل منه، فلما كان الغد خرجت فطلبت أن تعمل فلم تجد فحلقت أيضًا قرنًا فباعته من تلك الجارية، فأعطوها من ذلك الطعام، فأتت به أيوب، فقال: والله لا أطعمه حتى أعلم من أين هو؟ فوضعت خمارها، فلما رأى رأسها محلوقًا جزع جزعًا شديدًا، فعند ذلك دعا ربه عز وجل: { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا أبو عمران الجوني، عن نَوْف البِكَالي؛ أن الشيطان الذي عرج في أيوب كان يقال له: "سوط" (1) ، قال: وكانت امرأة أيوب تقول: "ادع الله فيشفيك" ، فجعل لا يدعو، حتى مر به نفر من بني إسرائيل، فقال بعضهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه، فعند ذلك قال: "رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين".
وحدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان لأيوب، عليه السلام، أخوان فجاءا يومًا، فلم يستطيعا أن يدنوا منه، من ريحه، فقاما من بعيد، فقال أحدهما للآخر: لو كان الله علم من أيوب خيرًا ما ابتلاه بهذا؟ فجزع أيوب من قولهما جَزعا لم يجزع من شيء قط، فقال: اللهم، إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان (2) وأنا أعلم مكان جائع، فصدقني. فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: اللهم، إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط، وأنا أعلم مكان عار، فَصَدقني فصدق من السماء وهما يسمعان. اللهم (3) بعزتك ثم خر ساجدًا، ثم قال (4) اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدًا حتى تكشف عني. فما رفع رأسه حتى كشف عنه.
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر مرفوعًا بنحو هذا فقال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أخبرني نافع بن يزيد، عن عُقَيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه، كانا من أخص إخوانه، كانا (5) يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تَعَلَّم -والله-لقد أذنب أيوب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين. فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف (6) ما به. فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب، عليه السلام: ما أدري ما تقول، غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهة أن يذكرا الله إلا في حق. قال: وكان يخرج في حاجته (7) ، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحى إلى
__________
(1)
في ف، أ: "مبسوط".
(2)
في ف: "شبعانا".
(3)
في ف، أ: "ثم قال: اتللهم".
(4)
في ف: "فقال".
(5)
في ف، أ: "له".
(6)
في ف: "فكشف".
(7)
في ف: "حاجة" .

(5/361)


أيوب في مكانه: أن اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب" (1) .
رفع هذا الحديث غريب جدًا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس، قال: وألبسه الله حلة من الجنة، فتنحى أيوب فجلس في ناحية، وجاءت امرأته، فلم تعرفه، فقالت: يا عبد الله، أين ذهب المبتلى الذي كان هاهنا؟ لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب، فجعلت تكلمه ساعة، فقال: ويحك! أنا أيوب! قالت: أتسخر مني يا عبد الله؟ فقال: ويحك! أنا أيوب، قد رد الله علي جسدي.
وبه قال ابن عباس: ورد عليه ماله وولده عيانا، ومثلهم معهم.
وقال وهب بن منبه: أوحى الله إلى أيوب: قد رددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم، فاغتسل بهذا الماء، فإن فيه شفاءك، وقرب عن صاحبتك (2) قربانًا، واستغفر لهم، فإنهم قد عصوني فيك. رواه ابن أبي حاتم.
[
وقال] (3) أيضًا: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همام، عن قتادة، عن النضر ابن أنس، عن بَشير (4) بن نَهِيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما عافى الله أيوب، أمطر عليه جرادًا من ذهب، فجعل يأخذ بيده ويجعله في ثوبه". قال: "فقيل له: يا أيوب، أما تشبع؟ قال: يا رب، ومن يشبع من رحمتك".
أصله في الصحيحين (5) ، وسيأتي في موضع آخر.
وقوله: { وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } قد تقدم عن ابن عباس أنه قال: ردوا عليه بأعيانهم. وكذا رواه العوفي، عن ابن عباس أيضًا. وروي مثله عن ابن مسعود ومجاهد، وبه قال الحسن وقتادة.
وقد زعم بعضهم أن اسم زوجته رحمة، فإن كان أخذ ذلك من سياق الآية فقد أبعد النَّجْعَة، وإن كان أخذه من نقل أهل الكتاب، وصح ذلك عنهم، فهو مما لا يصدق ولا يكذب. وقد سماها ابن عساكر في تاريخه -رحمه الله تعالى-قال: ويقال: اسمها ليا ابنة مِنَشَّا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال: ويقال: ليا بنت يعقوب، عليه السلام، زوجة أيوب كانت معه بأرض البَثَنيَّة.
وقال مجاهد: قيل له: يا أيوب، إن أهلك لك في الجنة، فإن شئت أتيناك بهم، وإن شئت
__________
(1)
ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (2091) "موارد" من طريق حرملة بن يحيى عن ابن وهب بنحوه.
(2)
في ف: "صحابتك".
(3)
زيادة من أ.
(4)
في ف: "بشر".
(5)
ورواه الحاكم في المستدرك (2/582) من طرق عن عمرو بن مرزوق به، وسيأتي أصل الحديث في صحيح البخاري عند تفسير الآية: 42 من سورة ص.

 

 

 

 

 

 

============

 

 

 

قصة نبي الله يونس مع الحوت في القران وفي مواقع اخري {{{في المسيحية واليهودية وفي الإسلام الحق}

====     ====   ورد حديث القرآن الكريم عن يونس عليه السلام في سور (الأنعام)، و(يونس)، و(الأنبياء)، و(الصافات). وفي الصحيحين عن رسول الله صل...